حدوتة جدتي:قصة وجه واحد يكفي يا سامي
في صباحٍ مشرقٍ في بلدةٍ صغيرةٍ مليئةٍ بالأطفال المفعمين بالحيوية، كان يعيش طفلٌ يُدعى سامي. كان سامي ذكيًّا وودودًا، ولكن للأسف، لم يكن دائمًا صادقًا في كلماته. أحيانًا، كان يتحدث بطريقة أمام أصدقائه، ثم يقول عكسها عندما يكون مع غيرهم. ومن هنا بدأت قصة النفاق التي غيّرت حياته تمامًا.
المجاملة أم النفاق؟
في أحد الأيام، كانت معلمة الفصل، الأستاذة مروة، تُحضّر نشاطًا عن “الصدق في التعامل”. طلبت من كل طفل أن يكتب موقفًا صادقًا مرّ به. عندما جاء دور سامي، ابتسم وقال بثقة:
“أنا دايمًا صادق، وما بقولش غير الحقيقة!”
ضحك الأطفال بخفة، لأنهم كانوا يعرفون أن سامي أحيانًا يقول كلامًا مختلفًا حسب الموقف. فمثلًا، كان يقول لأحد أصدقائه “أنت أعز صديق عندي”، ثم يذهب ليقول نفس الجملة لطفل آخر. بدا الأمر بسيطًا في البداية، لكنه مع الوقت جعل الجميع يفقد الثقة به.
ما بين الصدق والمجاملة
مع مرور الأيام، لاحظ سامي أن أصدقاءه بدأوا يبتعدون عنه. وحتى عندما كان يحاول أن يشاركهم اللعب، كانوا يعتذرون بلطف. شعر بالضيق، وسأل نفسه:
“ليه محدش بيثق فيا؟ أنا ما عملتش حاجة غلط!”
وهنا ظهرت صديقته المخلصة ليلى، وقالت له بحزم:
“يا سامي، النفاق مش بس في الكلام الكبير… أوقات بيبدأ من المجاملات الكتير اللي ملهاش معنى. لما تقول كلام مش حقيقي علشان ترضي الناس، بتخسر ثقتهم فيك.”
لحظة التغيير
في تلك الليلة، جلس سامي يفكر كثيرًا. وتذكّر كيف أنه أحيانًا يمدح الناس فقط ليكسب رضاهم، أو يقول رأيًا لا يؤمن به خوفًا من أن يُغضب أحدًا. أدرك حينها أن النفاق لا يجعل الإنسان محبوبًا، بل يجعله ضعيفًا ومتناقضًا.
وفي صباح اليوم التالي، قرر أن يتغيّر. وعندما رآه أصدقاؤه في المدرسة، بدأ بالاعتذار لكل من شعر أنه لم يكن صادقًا معه. قال لهم:
“أنا كنت بحاول أرضي الكل، بس نسيت إن أهم حاجة أرضي ربنا وضميري الأول.”
نتائج الصدق
مع مرور الوقت، تغيّر كل شيء. أصبح سامي أكثر صدقًا في كلامه، وأكثر وضوحًا في تصرفاته. وحتى المعلمة مروة لاحظت الفرق وقالت له:
“أنا فخورة بيك يا سامي، لأنك فهمت إن الصدق مش بس كلمة… دي طريق حياة.”
ومنذ ذلك اليوم، أصبح سامي مثالًا يُحتذى به في الفصل. كان يساعد زملاءه، ويتحدث بلطف، ولكن بصدق. وعندما سُئل يومًا عن سبب تغيّره، أجاب بابتسامة:
“اتعلمت إن النفاق ممكن يخليني محبوب للحظة… لكن الصدق بيخليني محبوب طول العمر.”
في النهاية، تعلّم سامي وأصدقاؤه أن النفاق لا يصنع أصدقاء حقيقيين، وأن الصدق هو الأساس الذي تُبنى عليه الثقة والمحبة. لأن الإنسان الصادق، حتى لو أخطأ، يظل محترمًا في نظر الناس.
الدروس المستفادة
النفاق لا يُرضي أحدًا في النهاية.
الصدق هو الطريق الأقصر نحو القلوب.
من الأفضل أن تكون صادقًا وتخسر موقفًا، على أن تكون منافقًا وتخسر نفسك.