قصة وعبرة للاطفال : حكاية عن الغفلة والقسوة والفهم المتأخر

قصة وعبرة للاطفال : حكاية عن الغفلة والقسوة والفهم المتأخر

التسجيل في مبادرة براعم مصر الرقمية

قصة وعبرة للاطفال : حكاية عن الغفلة والقسوة والفهم المتأخر
قصة وعبرة للاطفال : حكاية عن الغفلة والقسوة والفهم المتأخر

طفل يعترض على الدفء

في أحد الأحياء الهادئة، كان يعيش طفل يُدعى قاسم. بلغ من العمر عشر سنوات، لكنه كان يحمل روحًا قلقة تبحث دائمًا عن الحرية والرأي والرغبة في السيطرة.
أمه، أم قاسم، كانت لا تتوانى في خدمته، تسبقه في كل شيء، وتتفقد تفاصيل يومه كما لو كانت تحفظه عن ظهر قلب.
لكن قاسم بدأ يضيق بها.
كان إذا سألته شيئًا، ردَّ بجفاف.
وإذا نصحته، قال: “أمي، كُفي عن التدخل! أنا أفهم مصلحتي.”

ومع مرور الأيام، لم يعد يطيق اهتمامها، ولا يُقدّر سهرها ولا صبرها.

ميلادٌ بلا فرح

حين أتى يوم ميلاده الحادي عشر، أعدّت له والدته احتفالًا بسيطًا. صنعت كعكته بيديها، وزيّنت الغرفة، وانتظرت دخوله بكل لهفة.

قصص جدتي : قصة أول يوم صيام

عاد قاسم من المدرسة، نظر إلى الزينة، ثم قال ببرود:
“أهذا ما كنتِ تحضرين له؟ كنت أريد شيئًا مختلفًا.”

لم تُجِب. ابتسمت رغم الألم، وقالت: “كنتُ أتمنى أن يُسعدك.”

لكن قلبها انكسر.

تفاقم الغفلة

لم يتوقّف الأمر عند هذا الحد، بل صار قاسم يُكثر من التأفف، ويُقابل اهتمام والدته بالصمت أو الضيق.
وإذا مرضت أو تعبت، قال:
“إنها تتظاهر… دائمًا تشتكي من أشياء لا تُرى.”

لم يكن يدري، أو ربما لم يُرِد أن يدري، أن الأم إن ضعفت، فإنها تضعف من فرط الإنهاك، لا التمثيل.

ظرف على السرير

في إحدى الليالي، عاد قاسم إلى المنزل، فلم يجد أمه كعادتها في المطبخ ولا في غرفتها.
فتش في أرجاء المنزل، ثم لمح ظرفًا صغيرًا موضوعًا على سريره، مكتوب عليه:
“إلى قاسم… حين تقرأ.”

فتح الظرف، وبدأ يقرأ:

“يا قاسم،
ربما لم تكن تُدرك أنني حين أنصحك، كنت أخشى عليك من ألم جربته قبلك.

 

قصة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين



وحين أُلحّ عليك، كنت أرى ما لا تراه أنت.
ربما لم أكن مثالية، ولا كنت أعرف التعبير كما يجب، لكنني كنت أحبك أكثر مما أحببتُ نفسي.
يا بني، لا تحاسبني… فأنا ما ربيتُك لتشكرني، بل لأراك إنسانًا لا يؤذي قلبًا رقّ له.
وإن لم أفهمك أحيانًا، فلا تنسَ أنني كنت أحاول، وأنا أحمل على كتفي هموما لم ترها أنت.”

سقطت الرسالة من يده، وارتجف قلبه لأول مرة.

المستشفى

بعد لحظات من الصدمة، اتصل هاتف المنزل برقم غريب.
كان المستشفى.

قالوا له إن والدته نُقلت منذ ساعات إثر إرهاق شديد.
ركض قاسم دون أن يشعر بخطاه، وصل إلى المستشفى وهو يلهث.

رآها هناك، على السرير الأبيض، وملامحها باهتة.

اقترب منها، وأمسك يدها، وهمس باكيًا:
“أماه، سامحيني… ما كنت أفهم… ولا كنت أرى.”

فتحت عينيها بصعوبة، وابتسمت كعادتها، ثم قالت:
“الحمد لله… أتيت.”

التحوّل

منذ ذلك اليوم، تغيّر قاسم كليًا.
صار يبدأ صباحه بتقبيل يد والدته، يشاركها فطوره، ويستمع إليها كما لم يستمع من قبل.
كان إن رآها صامتة، بادرها بالحديث، وإن مرضت، بقى بجوارها حتى يطمئن قلبها.

وراح يقول لكل من حوله:
“الأم لا تُحاسب… ولا تُعاقب… ولا تُقارن. الأم تُحتضن… وتُفهم… وتُقدّر.”

رسالة الحياة

مرت السنوات، وكبر قاسم، وصار شابًا ناضجًا.
ورغم مشاغله ودراسته وسفره، لم يجعل شيئًا يتقدّم على أمه.

كان يقول دومًا:
“لو عاد بي الزمن، لما رفعت صوتي، ولا كتمت امتنانًا… لكني أدركت، ولو بعد تأخّر، أن الأم لا تُؤجَّل.”


الدرس؟

اقبل أمك كما هي.
لا تُحاسبها على ضعف، ولا توبّخها على نسيان، ولا تغيّرها على هواك.

فأنت لا تعلم ما خاضته، لتكون أنت… ما أنت عليه.

“أكرم أباك وأمك، لكي تطول أيام حياتك.”