في إحدى القرى الهادئة التي تحيط بها الأشجار الكثيفة والجبال الخضراء، عاش “سامي” مع أسرته في منزل صغير وودود. كان سامي ولدًا نشيطًا وذكيًا، لكنه كان يعاني من خوف كبير يطارده كل ليلة، وكان هذا الخوف هو الظلام
منذ أن كان سامي صغيرًا، كان يتجنب دائمًا غرفته في الليل. كان يفضل اللعب في النهار ويقضي الوقت مع أصدقائه في الحديقة أو في المدرسة، لكن بمجرد أن تغرب الشمس وتعم الظلمة، يبدأ قلبه ينبض بسرعة، وكان يتخيل أن هناك شيئًا غريبًا يختبئ في الزوايا المظلمة. كان يظن أن هناك وحشًا صغيرًا يراقبه، ويحاول دائمًا إخفاء نفسه في الزاوية البعيدة من الغرفة. كانت هذه الفكرة تلاحقه طوال الليل، فكان يظل مستيقظًا لساعات طويلة، يتجنب النوم.
كان سامي يحاول قدر الإمكان أن يهرب من الظلام، وأحيانًا كان يطلب من والدته أن تبقى بجواره حتى ينام. لكن مع مرور الوقت، بدأ يشعر بالخجل من خوفه. كان يرى أصدقاءه في المدرسة يضحكون ويلعبون دون أن يبدوا قلقين من الظلام، بينما هو كان يشعر وكأن شيئًا مخيفًا يترصد له في كل زاوية. كانت والدته دائمًا تطمئنه وتقول له: “لا تخف يا سامي، الظلام ليس مخيفًا. إنه فقط يحتاج إلى بعض الشجاعة لتواجهه.” لكن رغم كلمات والدته، كان سامي لا يستطيع أن يتغلب على خوفه.
في أحد الأيام، أثناء اللعب مع أصدقائه في الحديقة، سمع سامي أحد أصدقائه يتحدث عن كيفية التعامل مع الخوف. قال أحدهم: “أنا لا أخاف من الظلام. أنا أواجهه دائمًا، وأضع مصباحًا صغيرًا في غرفتي، ثم أذهب للنوم بكل أمان.” كلمات صديقه تركت أثرًا في قلب سامي، وفكر في نفسه: “ربما يكون هذا هو الحل. إذا كان لدي مصباح صغير في غرفتي، فقد أتمكن من السيطرة على خوفي.”
وفي تلك الليلة، قرر سامي أن يواجه خوفه. ذهب إلى المطبخ وأخذ المصباح الصغير الذي كان يستخدمه والده في الحديقة ليضيء الأماكن المظلمة. بعد أن أطفأ الأنوار، جلس في غرفته، وأخذ نفسًا عميقًا، ثم بدأ يتحرك نحو الزاوية المظلمة التي كان يعتقد أنها تحتوي على الوحش. قلبه كان ينبض بشدة، وأصابعه كانت ترتجف وهو يحمل المصباح.
بينما كان سامي يقترب من الزاوية المظلمة، بدأ الضوء الساطع من المصباح يكشف له تفاصيل الغرفة التي كانت مخفية في الظلام. وكلما تحرك، بدأ يشعر بشيء غريب، شيء لم يكن يتوقعه. فبينما كان يتأمل الظلال التي كانت تتحرك على الجدران، اكتشف أن ما كان يظنه وحشًا لم يكن سوى ظل الستارة المتدلية، والتي كانت تتحرك بفعل الرياح القادمة من النافذة
المفتوحة. أما في الزاوية التي كان يعتقد أنها مكان الوحش، اكتشف أن هناك مجرد كومة من الألعاب المبعثرة على الأرض، وهي التي كانت تصنع تلك الأشكال الغريبة التي كانت تثير خوفه.
ضحك بصوت منخفض، وقال لنفسه: “كيف لم ألاحظ هذا من قبل؟! كانت الظلال مجرد أشياء عادية.” شعر بشعور غريب من الراحة، وكأن عبئًا ثقيلًا قد تم رفعه عن قلبه. بدأ يمرر المصباح على الجدران والأثاث، يكتشف المزيد من التفاصيل التي كانت مخفية في الظلام. لم يكن هناك وحش صغير، بل كانت مجرد أشياء عادية في الغرفة، لا أكثر.
مع مرور الأيام، أصبح يذهب إلى غرفته في الليل بكل شجاعة. أصبح لا يخاف من الظلام كما كان في السابق. بل أصبح ينام وهو مبتسم، لأنه تعلم درسًا مهمًا. اكتشف أن الخوف لا يأتي من الأشياء التي نراها، بل من الأشياء التي نتخيلها، ومن المجهول الذي لا نعرفه. وفي تلك اللحظات التي كان يشعر فيها بالراحة، كان يفكر في كلمات صديقه الذي قال له: “إذا واجهت خوفك، ستكتشف أنه مجرد وهم.”
ومع مرور الوقت، بدأ سامي يروي لأصدقائه عن تجربته وكيف أنه استطاع التغلب على خوفه من الظلام. وكان يوجه لهم نصيحة: “إذا كنت تخاف من شيء، حاول أن تقترب منه، وستكتشف أنه ليس مخيفًا كما كنت تعتقد.” أصبح سامي يشعر بفخر كبير لأنه تمكن من مواجهة خوفه، وعرف أن الشجاعة تكمن في عدم الهروب من المخاوف، بل في مواجهتها.