حدوتة جدتي:قصة حذاء علي العجيب
كان علي طفلًا بسيطًا يعيش في حي صغير مليء بالأصدقاء والمغامرات اليومية. كان لديه حذاء قديم، لكنه لم يكن حذاءً عاديًا بالنسبة له؛ فقد كان هدية من والده الراحل.
والده كان قد اشتراه له في يوم ميلاده الأخير قبل أن يرحل، وكان دائمًا يقول له: “هذا الحذاء يا علي سيرافقك في خطواتك نحو أحلامك.”
رغم مرور السنوات، وظهور علامات الاهتراء على الحذاء، كان علي يرتديه بفخر. كان أصدقاؤه يسخرون منه أحيانًا قائلين:
“ألا ترى أن حذاءك يبدو قديمًا؟ لماذا لا تطلب من والدتك أن تشتري لك واحدًا جديدًا؟”
لكن علي كان يبتسم دائمًا ويقول: “هذا الحذاء خاص جدًا، لن أفارقه أبدًا.”
ذات يوم، ذهب علي إلى السوق مع والدته لشراء بعض الاحتياجات. وبينما كان يسير في السوق، انفلت الحذاء من إحدى قدميه وسقط في حفرة مليئة بالطين. حاول علي استعادته وسط ضحكات الناس الذين رأوا الموقف، لكنه لم يتردد لحظة. خلع الحذاء الآخر، وقفز في الحفرة ليستعيد حذاءه المفضل. عندما خرج، كان مغطى بالطين من رأسه حتى قدميه، لكنه كان سعيدًا لأن حذاءه عاد إلى قدميه مرة أخرى.
في يوم آخر، نظم الحي سباقًا للأطفال. الجميع كانوا يرتدون أحذيتهم الرياضية الجديدة، بينما كان علي يرتدي حذاءه القديم. عندما بدأ السباق، كان علي يركض بكل قوته، متجاهلًا تعليقات البعض حول حذائه. المفاجأة كانت عندما وصل إلى خط النهاية في المركز الثاني، وقال بابتسامة: “هذا الحذاء لا يمنعني من الركض وراء أحلامي.”
في أحد الأيام، كان علي يلعب كرة القدم مع أصدقائه في الساحة. أثناء المباراة، تمزق الحذاء من أحد الجوانب. حاول علي إصلاحه بشريط لاصق، لكنه لم يعد مناسبًا للعب. شعر بالحزن، لكنه لم يرغب في التخلص منه. قرر أن يحتفظ به في غرفته كتذكار.
مرت الأيام، وبدأ علي يشعر بشيء من الحرج عندما يرى أصدقاءه يرتدون أحذية جديدة لامعة بينما هو لا يزال يحتفظ بحذائه القديم. ولكنه في يوم ما، أثناء تنظيف غرفته، أمسك بالحذاء وتأمل فيه. تذكر لحظات كثيرة عاشها مع والده وهو يرتديه: نزهات في الحديقة، زيارات للمدينة، وحتى تلك اللحظة التي علّمه فيها والده كيفية ربط الحذاء لأول مرة.
فهم علي حينها أن هذا الحذاء ليس مجرد قطعة قماش وجلد، بل هو صندوق ذكريات يحمل بين طياته الدفء والحب. قرر أن يضعه في مكان مميز في غرفته، كأنما يصنع له مذبحًا صغيرًا للذكريات الجميلة.
درس علي الأخير
ومنذ ذلك الحين، كلما شعر بالضعف أو الحزن، كان ينظر إلى حذائه القديم ويتذكر كلمات والده: “خطواتك نحو أحلامك هي الأهم، وليس ما ترتديه في قدميك.”
وفي أحد الأيام، قرر علي كتابة رسالة صغيرة ووضعها داخل الحذاء كتب فيها: “إلى كل من يسخر من الأشياء القديمة: ما تراه قديمًا قد يكون بالنسبة لغيرك كنزًا من الذكريات.”