حدوتة جدتي:قصة سليم والتغلب علي الخوف
في قرية صغيرة محاطة بالغابات الكثيفة، كان هناك طفل يُدعى سليم. كان سليم مشهورًا بين أصدقائه بشجاعته وحبه للمغامرات نهارًا، لكنه كان يخفي سرًا صغيرًا: كان يخاف من الظلام كثيرًا. كل ليلة، كان يتجنب الخروج حتى إلى فناء المنزل، خوفًا من الأصوات الغريبة والظلال التي تُثير خياله.
ذات يوم، أثناء اللعب مع أصدقائه، قال صديقه خالد:
“سليم، هل سمعت عن شجرة العتمة في الغابة؟ يقولون إنها شجرة مخيفة تتحرك في الليل وتصدر أصواتًا غريبة!”
ضحك الأصدقاء، لكن سليم شعر بالخوف في داخله. لم يُظهر ذلك، لكنه قرر ألا يقترب من تلك الشجرة أبدًا.
في تلك الليلة، أخبر سليم والدته عن حديث أصدقائه، وقال:
“أنا خائف يا أمي، لماذا الظلام مخيف جدًا؟ لماذا تبدو كل الأشياء مختلفة في الليل؟”
ابتسمت والدته بحنان وقالت:
“الظلام لا يغير الأشياء يا سليم، لكنه يجعل عقولنا تتخيل أمورًا غير حقيقية. هل تريد أن تكتشف بنفسك؟”
تفاجأ سليم بسؤالها، لكنه وافق بعد تفكير. قررت والدته اصطحابه في رحلة صغيرة إلى شجرة العتمة. جهزت حقيبة صغيرة تحتوي على مصباح، وغطاء للتدفئة، وزجاجة ماء.
عندما حل الظلام، خرجا معًا. كان الطريق إلى الغابة هادئًا، لكنه مليء بأصوات الرياح التي تحرك الأوراق. كان سليم يمسك بيد والدته بقوة، ينظر يمينًا ويسارًا. فجأة، سمع صوتًا يشبه العواء، فتوقف مكانه وقال:
“أمي، ما هذا الصوت؟ هل هذا ذئب؟”
ضحكت والدته وقالت:
“لا يا حبيبي، هذا صوت الرياح بين الأشجار. عندما نفهم مصدر الأصوات، تتلاشى مخاوفنا.”
واصلوا السير حتى وصلوا إلى الشجرة. كانت الشجرة ضخمة، بأغصان ممتدة في كل اتجاه، تبدو في الظلام كوحش عملاق. توقف سليم عن الحركة وقال بخوف:
“لا أريد الاقتراب أكثر، الشجرة مخيفة!”
لكن والدته شجعته قائلة:
“سليم، جرب أن تضيء المصباح نحو الشجرة. انظر إليها جيدًا.”
لحظة الشجاعة
أضاء سليم المصباح، وبالتدريج بدأ يلاحظ التفاصيل الحقيقية للشجرة. لم تكن سوى شجرة عادية بأوراق كبيرة وأغصان طويلة. اقترب منها بحذر، ولمس جذعها، فاكتشف أنها خشنة لكنها ثابتة وهادئة.
ثم سمع صوت حفيف أوراق أعلى الشجرة. نظر للأعلى بقلق، لكنه وجد عصفورًا صغيرًا يرفرف بجناحيه. ضحك وقال:
“أمي، هذا مجرد عصفور! كنت أظنه وحشًا!”
قررت والدته أن تزيد من ثقته، فأخبرته أن يجلس تحت الشجرة ويستمع لصوت الغابة في الظلام. بدأ سليم يشعر بالراحة، وأدرك أن الأصوات التي كانت تخيفه ليست سوى جزء من الطبيعة.
في طريق العودة، قال سليم:
“أمي، لقد كنت أضخم كل شيء في خيالي. الظلام ليس مخيفًا كما كنت أعتقد.”
ابتسمت والدته وقالت:
“هذا درس مهم يا سليم. عندما نواجه مخاوفنا، ندرك أنها ليست كما تبدو.”
منذ تلك الليلة، تغيرت نظرة سليم للظلام. أصبح يخرج ليراقب النجوم ليلاً، ويستمتع بهدوء الغابة بدلاً من الخوف منها.
الدرس المستفادة من قصة “سليم وشجرة العتمة”
مواجهة الخوف ليست فقط وسيلة للتغلب عليه، بل هي أيضًا فرصة عظيمة لبناء الثقة واكتشاف القوة الحقيقية التي نمتلكها في داخلنا. في البداية، عندما نواجه مخاوفنا، نبدأ في فهم أن معظمها ليس كما نتخيل، بل هو مجرد تحدٍ يختبر قوتنا الداخلية. قد نشعر بالخوف في البداية، ولكن عندما نتجرأ على مواجهته، نكتشف أن هذه المخاوف هي مجرد أوهام صنعناها في عقولنا، وأن الواقع ليس مخيفًا كما كنا نعتقد.
علاوة على ذلك، كلما واجهنا خوفنا بشجاعة، اكتسبنا خبرة أكبر في التعامل مع المواقف الصعبة. بهذه الطريقة، تصبح قدرتنا على تخطي التحديات المستقبلية أقوى. بمرور الوقت، يقل تأثير الخوف علينا، مما يعطينا دفعة قوية لمواصلة حياتنا بثقة أكبر.
بالإضافة إلى ذلك، نحن لا نكتسب فقط شجاعة أكبر، بل نكتشف إمكانياتنا المخفية التي كنا نعتقد أننا لا نمتلكها. عندما نواجه مخاوفنا، ندرك أننا أقوى مما كنا نظن، وأننا قادرون على التعامل مع أصعب المواقف.
وفي النهاية، تصبح مواجهة الخوف خطوة نحو النمو الشخصي والتطور المستمر. بهذه الطريقة، نكتسب القدرة على التكيف مع التغيرات ومواجهة التحديات المستقبلية، مما يجعلنا أكثر استعدادًا لمواجهة الحياة بثقة أكبر. لذلك، دعونا نواجه الخوف بشجاعة، لأننا عندما نفعل ذلك، نجد القوة الحقيقية التي تكمن داخلنا، ونحقق النجاح والنمو في كل جوانب حياتنا.
أكبر منحة مجانية لطلاب الإبتدائي من وزارة الاتصالات