قصة عيسى وحب الخير

                                قصة عيسى وحب الخير
في إحدى القرى الصغيرة التي تقع بين الجبال الخضراء، عاش هناك ولد طيب القلب يدعى عيسى. كان عيسى معروفًا في قريته بحبه للخير ومساعدة الآخرين. كان كل من في القرية يحبونه؛ لأنه كان دائمًا حاضرًا عندما يحتاجه أحد، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، وكان يهتم بكل
عيسى كان يحترم كل الناس والحيوانات. كان لديه قلب كبير جدًا وعينان مليئتان بالرحمة. في الصباح الباكر، كان يذهب إلى المدرسة وهو يحيي الجميع بابتسامة عريضة، ويوقف ليتحدث مع كبار السن، يساعدهم في حمل أكياسهم الثقيلة، ويصطحب الأطفال الصغار إلى المدرسة. ولكن كانت هناك أشياء أخرى لا يستطيع مقاومتها: الحيوانات

عيسى

 

كان عيسى يحب الحيوانات بشكل خاص، وكان لديه العديد من الحيوانات في حديقته الصغيرة، بما في ذلك الدواجن والقطط والكلاب. كان يعتني بها بشكل جيد، ويسهر عليها ليلًا إذا مرضت أو كانت بحاجة إلى الرعاية. كانت الحيوانات في قريته ترى فيه الشخص الذي يمكنها اللجوء إليه دائمًا.

لكن في يومٍ من الأيام، حدث شيء غريب وغير متوقع. بينما كان عيسى في طريقه إلى البيت بعد المدرسة، كان يمر عبر الشارع الرئيسي في قريته. وفجأة، لاحظ مجموعة من الشباب يقفون في زاوية الشارع. ما أثار اهتمامه هو أنهم كانوا يضربون كلبًا صغيرًا بشكل مروع. الكلب كان يئن من الألم ورجله مكسورة، وكان يحاول الهروب لكن دون جدوى.

شعر عيسى بغضب شديد عندما شاهد ما يحدث. شعر أن قلبه ينفطر لرؤية الكلب المذعور يتعرض لهذا العنف. أسرع عيسى إلى الشباب وقال بصوت غاضب: “ماذا تفعلون؟ لماذا تضربون هذا الكلب المسكين؟”. لم يهتم الشباب بكلامه، بل ضحكوا واستهزأوا به. قال أحدهم: “هذا مجرد كلب! ماذا تهمك هذه الحيوانات؟”.

لكن عيسى لم يتراجع. رفع صوته وقال: “حتى لو كان كلبًا، فهذا لا يعني أنكم يمكنكم إلحاق الأذى به. يجب أن نعامل كل الكائنات بلطف واحترام”. كان عيسى يعلم أن هذا الموقف يتطلب منه التصرف بحكمة؛ لذلك قرر أن يأخذ الكلب بعيدًا عنهم. كان في قلبه إيمان راسخ أن الرحمة لا تقتصر على البشر فقط، بل تشمل جميع الكائنات الحية. إذا كنت رحيمًا وطيّب القلب، ستجد أن العالم من حولك يكتسب نكهة أفضل.

فورًا، قام بحمل الكلب برفق وأخذ منه العناية والاهتمام اللازمين. لم يكن الأمر سهلاً، حيث كان الكلب يعاني من الألم، وكان عيسى يبذل جهدًا كبيرًا لحمله. لكنه لم يهتم بالعناء؛ فكل ما كان يهمه هو أن يخرج الكلب من هذا الموقف المؤلم. أسرع به إلى البيت وأعطاه الماء والطعام. عالج جرحه وضمّد ساقه المكسورة، ثم سهر طوال الليل إلى جانب الكلب حتى هدأ.

في اليوم التالي، ذهب عيسى إلى الطبيب البيطري ليطمئن على صحة الكلب. الطبيب شكره وقال له: “أنت شخص طيب، عيسى، لأنك تهتم بهذه الحيوانات. قليلون هم من يتصرفون بهذه الرحمة”. بدأ الكلب يشعر بتحسن تدريجي، واكتسب عيسى صديقًا جديدًا.

مرت الأيام، وكان الكلب يتحسن يومًا بعد يوم، وعيسى يستمر في الاعتناء به. ومع مرور الوقت، بدأ الكلب يظهر له علامات المودة، وكان يركض خلفه في كل مكان، ويحاول أن يلعب معه. أصبح الكلب جزءًا من حياة عيسى، وكان دائمًا يرافقه في رحلاته اليومية.

ولكن القصة لم تنتهِ هنا. فقد بدأ الأطفال في قريته ينظرون إلي بشكل مختلف. لقد رأوا كيف أن شخصًا مثل يهتم بالحيوانات، وكيف أن معاملته كانت مليئة بالرحمة والاحترام. بدأوا يتعلمون منه قيمة الرحمة، وأصبحوا أكثر حرصًا على معاملة الحيوانات بلطف.

كما بدأ الشباب الذين ضربوا الكلب في البداية يشعرون بالخجل من تصرفاتهم. رأوا كيف أن عامل الكلب برفق وأمان، وكيف أن الكلب بدأ يشعر بالسلام والحب. بدأوا يقتربون وفي إحدى المرات، جاء أحدهم إليه وقال له: “عيسى، نحن نعتذر عما فعلناه. تعلمنا منك اليوم أن العنف لا يجلب سوى الألم. شكرًا لك لأنك علمتنا كيف نحب ونعتني بالحيوانات”. شعر عيسى بالسعادة لأنه استطاع أن يكون مصدر تغيير إيجابي في حياتهم.

وأصبح مصدر إلهام في قريته، حيث بدأ الجميع يعاملون الحيوانات بلطف واحترام. ولقد تعلم الجميع أن الخير لا يقتصر فقط على الإنسان، بل يشمل أيضًا كل مخلوقات الله. وقد أدرك أن الرحمة التي يتعامل بها مع الآخرين، سواء كانوا بشرًا أو حيوانات، هي التي تميز الإنسان وتجعله أفضل.

اترك رد