قصة مروان النجاح بعد الفشل
في أحد الأحياء الهادئة، كان هناك شاب يُدعى مروان. كان مروان في السابعة عشرة من عمره، وكان يعاني من شعور دائم بالفشل. مهما حاول، كان يعتقد أنه لا يملك القدرة على النجاح في أي شيء. كان دائمًا يقول: “أنا فاشل، مش هنجح أبدًا، كل المحاولات بتفشل، مش قادر أحقق أي حاجة.”
منذ أن كان صغيرًا، كانت ملامح مروان تختلف عن باقي الأطفال في مدرسته. رغم أنه كان طالبًا مجتهدًا في البداية، إلا أنه بدأ يشعر مع مرور الوقت أن النجاح يبتعد عنه. كان يواجه صعوبة في فهم بعض المواد الدراسية، ولم يكن يحصل على درجات عالية رغم محاولاته الكثيرة. وفي النهاية، بدأ يشعر بأن الدراسة لا فائدة منها.
بدأ مروان في التشكيك في نفسه. كان يردد دائمًا “مش هقدر أحقق حاجة” حتى أصبح ذلك جزءًا من حياته اليومية. كان يمر بأيامه وهو يفكر في كل شيء فشل فيه، ونسى تمامًا اللحظات التي نجح فيها، حتى لو كانت نجاحات صغيرة.
في إحدى المرات، كان مروان يجلس في غرفة دراسته في المساء، يراجع دروسه وهو يشعر بالعجز. كان أمامه امتحان صعب في مادة الرياضيات، ورغم محاولاته الكثيرة، شعر وكأن المادة تتناثر من ذهنه وكأن كل محاولاته كانت عبثًا. في تلك اللحظة، قال مروان لنفسه: “ما فيش فايدة، أنا مش هنجح، مش كده وبس أنا فاشل، حتى لو درست ألف مرة مش هقدر أحقق أي شيء.”
كانت هذه الكلمات مؤلمة له، وكان يتمنى أن يتخلص من شعور اليأس الذي يسيطر عليه. فشله في الدراسة كان يؤثر على حياته اليومية، وكان يفقد أصدقاءه لأنهم كانوا يرون فيه شخصًا محبطًا دائمًا، شخصًا لا يؤمن بقدرته على التغيير.
في أحد الأيام، بينما كان مروان جالسًا في حديقة المنزل، اقترب منه والده وجلس بجانبه. كان الأب يلاحظ منذ فترة أن مروان كان يمر بفترة صعبة جدًا، وأنه يشعر بالحزن الشديد. فقال له الأب بلطف: “مروان، ليه بتقول على نفسك فاشل؟ هل جربت أن تفكر في كل شيء حققته بالفعل؟”
أجاب مروان بحزن: “أنا مش هنجح، كل حاجة بعملها بتفشل. أنا مش عارف أعمل حاجة صح.”
ابتسم الأب وقال له: “مروان، النجاح مش دايمًا في العلامات أو في المقاييس اللي الناس بتحطها. النجاح هو أنك تحاول وتحاول حتى لو كانت المحاولات دي مش بتجيب نتيجة. لو كانت كل المحاولات دي كانت بتعلمك حاجة، يبقى أنت مش فاشل، أنت ببساطة في مرحلة التعلم. عارف؟ حتى أغنى وأقوى الناس في العالم مريت بلحظات من الفشل، ولكن الفرق بين الناس اللي بيحققوا نجاح واللي ما بيحققوش هو إنهم ما استسلموش.”
كان لكلام الأب تأثير عميق على مروان. بدأ يعيد النظر في نفسه وفي نظرته للحياة. أدرك أن كل فشل مر به كان مجرد خطوة نحو النجاح، وأنه لم يكن فاشلاً، بل كان يتعلم كيف يواجه التحديات. قرر أن يعيد المحاولة، ولكن هذه المرة ليس للنجاح فقط، بل ليتعلم من كل تجربة.
بدأ مروان يتبع نصيحة والده، وبدأ يعامل كل فشل على أنه تجربة تعلم. بدأ يضع أهدافًا صغيرة قابلة للتحقيق، وبدلاً من التركيز على النتائج السلبية، كان يركز على التقدم الذي يحققه. ورغم أنه لم يحصل على العلامات المثالية في البداية، إلا أنه شعر بالتحسن. بدأ يحقق نتائج أفضل تدريجيًا، وأصبح يثق بنفسه أكثر فأكثر.
مرت أسابيع، وبدأت نتائج مروان تتحسن. لم يكن النجاح الذي حققه مذهلاً من أول مرة، لكن كل خطوة جديدة كانت تدفعه للأمام. بدأ يشعر أنه قادر على تحقيق أهدافه، وأنه ليس فاشلًا كما كان يظن.
في أحد الأيام، عندما حصل على نتيجة جيدة في أحد الامتحانات، شعر بشعور لا يوصف. لم يكن هذا النجاح مجرد علامة، بل كان رمزًا للجهود التي بذلها وللإرادة التي تمسك بها. كان يعرف في أعماق قلبه أنه نجح لأنّه رفض الاستسلام وقرر أن يتعلم من أخطائه.
تعلم مروان أن الفشل ليس نهاية الطريق، بل هو بداية رحلة جديدة. تعلم أن النجاح يحتاج إلى صبر وإصرار، وأن الطريق إلى النجاح مليء بالتحديات والصعوبات التي يجب التغلب عليها. وأهم شيء تعلمه هو أنه لا يجب عليه أن يحكم على نفسه بالفشل بمجرد وقوعه في بعض العقبات، لأن النجاح هو نتيجة الاستمرار.
لم يعد مروان الشخص الذي يعتقد أنه فاشل. أصبح لديه إيمان قوي في قدراته، وعرف أن التحديات جزء من الحياة، وليست نهاية الطريق. واصل دراسته، وواصل العمل على تحسين نفسه، وكان واثقًا أنه بفضل عزيمته لن يتوقف عن النجاح.