حكاية عن الادخار والعدل : القرد الحكيم والحمار المُسرف

حكاية القرد الحكيم : قصة في الادخار والعدل.

في يوم من الأيام، في غابة خضراء واسعة مليئة بالحيوانات، كان هناك حمار يعمل بجد طوال اليوم لينقل البضائع بين الحيوانات، لكنه كان يُعرف بأنه ينفق كل ما يكسبه على الفور دون أن يفكر في المستقبل. كلما كسب المال، كان يشتري طعامًا فاخرًا أو يقضي وقته في اللعب والرفاهية، دون أن يترك شيئًا للغد. كان الحمار دائمًا سعيدًا بما لديه في اللحظة، ولكنه لم يفكر في ما قد يحدث إذا جاءت أيام صعبة أو إذا توقف عن العمل.على الجانب الآخر، كان القرد معروفًا في الغابة بذكائه وحكمته. كان يعمل مثل باقي الحيوانات، لكنه كان يحتفظ بجزء من دخله كل يوم في جرة صغيرة مخبأة في بيته. كان القرد يؤمن بأهمية الادخار، حيث يوفر جزءًا من المال للطوارئ والأيام الصعبة ويصرف الباقي بحكمة. وبمرور الوقت، جمع القرد أشياء كثيرة: ألعاب، أدوات، وحتى بعض الفواكه والمكسرات التي لم يكن معظم الحيوانات الأخرى يقدرون على الاحتفاظ بها.

حكاية عن الادخار والعدل : القرد الحكيم والحمار المُسرف
حكاية عن الادخار والعدل : القرد الحكيم والحمار المُسرف

كان الثعلب، بحكم طبيعته الماكرة، يراقب كل شيء من بعيد. رأى كيف يعيش الحمار بترف وكيف أن القرد دائمًا لديه ما يكفيه وأكثر. فضوله دفعه إلى الاقتراب من القرد ليسأله عن سر نجاحه. في يوم من الأيام، اقترب الثعلب من القرد وسأله بلهجة مليئة بالتعجب: “إزاي عندك كل الحاجات الجميلة دي، وإحنا بنشتغل كل يوم ونتعب بس مش بنقدر نشتري نص اللي عندك؟”

ابتسم القرد وأجابه بهدوء: “الحكاية بسيطة يا صديقي. أنا بدخر جزء من اللي بكسبه كل يوم، مهما كان قليل. الباقي بصرفه على احتياجاتي، وبكده بقدر أعيش كويس في الأيام اللي ما بشتغلش فيها أو لما تحصل أي ظروف.”

قصص حيوانات الغابة

فكر الثعلب في كلام القرد وقرر أنه سيبدأ في الادخار هو الآخر. كان الثعلب ذكيًا بما يكفي ليفهم أن القرد على حق، وبدأ في تقسيم ماله كل يوم، يدخر جزءًا ويصرف الباقي بحكمة.

لكن الحمار لم يكن قد تعلم هذا الدرس بعد. استمر في إنفاق كل ما يكسبه يوميًا دون أن يدخر شيئًا. وذات يوم، ضربت عاصفة قوية الغابة، وأغلقت الطرقات، ولم يتمكن الحمار من العمل لعدة أيام. بدأ الجوع يتسلل إليه، ولم يكن لديه ما يكفي من المال لشراء الطعام. ذهب إلى أصدقائه الحيوانات وطلب المساعدة، لكن الجميع كانوا مشغولين بإدارة مواردهم المتواضعة. حتى الثعلب الذي بدأ في الادخار مؤخرًا، كان لديه ما يكفي فقط لاحتياجاته.

في النهاية، قرر الحمار الذهاب إلى الأسد، الملك العادل في الغابة، لطلب المساعدة. استمع الأسد إلى شكوى الحمار وأدرك أنه يحتاج إلى درس لا مجرد مساعدة عابرة. بدلاً من إعطائه المال مباشرة، قرر الأسد أن يعطي الحمار فرصة ليتعلم كيفية العمل بحكمة والادخار.قال الأسد للحمار: “أنا هساعدك، لكن مش بالطريقة اللي بتفكر فيها. هديك شغل جديد لمدة أسبوع، وخلال الأسبوع ده، هتتعلم من القرد إزاي تدخر جزء من اللي بتكسبه وتعيش بالباقي. لو نجحت في ده، هتكسب خبرة وحكمة تساعدك باقي حياتك.”وهكذا، بدأ الحمار العمل الجديد بإشراف القرد. كان القرد يعلمه كيف يدير أمواله بحكمة وكيف يخصص جزءًا صغيرًا كل يوم للادخار. في البداية، كان الأمر صعبًا على الحمار، لأنه اعتاد إنفاق كل ما يملكه، لكن مع الوقت بدأ يفهم الفكرة ويشعر بالفخر عندما يرى أن لديه مالًا مدخرًا للطوارئ.بعد مرور أسبوع، عاد الحمار إلى الأسد بابتسامة عريضة. لم يكن غنيًا، لكنه تعلم قيمة الادخار وكيف أن توفير جزء من المال يمكن أن يحميه من الأيام الصعبة. قال الحمار للأسد: “أنا تعلمت الدرس. مش مهم إن كان عندي كتير أو قليل، المهم إني أعرف إزاي أستخدم اللي معايا بحكمة.”ابتسم الأسد وقال: “ده درس مهم جدًا. الفلوس مش بس للصرف، لازم تدخر عشان لما تيجي الأيام الصعبة تكون مستعد. والقرد حر في ماله، لأنه عمل شيء كويس لنفسه. مش ممكن نأخذ منه اللي ادخره، لأنه تعب فيه.”ومنذ ذلك اليوم، أصبح الحمار أكثر حكمة في تصرفاته المالية. وبدأت الحيوانات كلها تحذو حذو القرد، وتعلمت أن الادخار ليس مجرد وسيلة لجمع المال، بل هو خطة للمستقبل وضمانة للأمان.

وفي النهاية،
كانت الغابة مليئة بالحيوانات التي تعيش بحكمة، حيث يدخرون جزءًا من دخلهم كل يوم، ويصرفون الباقي بذكاء. وظل الأسد يحكم بينهم بالعدل، ويشجع كل من يعمل بجد ويدخر للمستقبل، لأنه كان يؤمن بأن الحكمة الحقيقية تكمن في التخطيط للأيام القادمة.وهكذا عاش الجميع في الغابة بسعادة واستقرار، تعلموا جميعًا قيمة الادخار والعدالة في التوزيع، وعاشوا حياتهم وهم مستعدون لكل ما قد يأتي في المستقبل.

اترك رد