قصة حسن والطريق إلى حلم بعيد
في إحدى القرى الصغيرة الهادئة، كان هناك شاب يُدعى حسن. يحمل حسن منذ صغره حلمًا كبيرًا أن يصبح مهندسًا، وأن يبني منازلَ ومرافقَ تساهم في تحسين حياة الناس. عاش حسن مع أسرته في منزل بسيط، وكان والده يعمل فلاحًا في الأرض بينما كانت والدته تُساعد في المنزل. كان دخلهم محدودًا، لكنه كان يشعر دائمًا بأن حلمه قابل للتحقيق إذا اجتهد وسعى وراءه.
طالب مجتهد في دراسته، يبذل جهده في المدرسة رغم الظروف الصعبة. يذهب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام، يتجاوز المسافات الطويلة، وفي كثير من الأحيان كان يواجه صعوبة في دفع مصاريف المدرسة، ولكنه كان يعوّل على أمل كبير. يعتقد أن العلم هو السلاح الذي سيغير حياته، لكن مع مرور الوقت بدأت تظهر صعوبات أكبر.
عندما بلغ سنته الأخيرة في المدرسة الثانوية، أصبح حلمه يقترب أكثر فأكثر. يخطط للالتحاق بأحد الجامعات الكبرى لدراسة الهندسة. يعلم أن الجامعة هي فرصته الوحيدة لتحقيق أحلامه، ولذا بدأ في التحضير للامتحانات النهائية بكل عزيمة. يذاكر في الليل، رغم قلة النوم، وأحيانًا كان يتسلل النور الخافت من المصباح القديم ليضيء كتاباته. ولكن في اليوم الذي كان ينتظر فيه نتائج الامتحانات، فوجئ حسن بخبر لم يكن في حسبانه. لم يُقبل في الجامعة. شعر وكأن السماء قد انهارت فوق رأسه. جلس في مكانه، وأخذ يحدق في ورقة النتيجة وكأن عينيه لا تصدقان ما ترى.
مرت الأيام، ولكن حسن كان يشعر باليأس يتسرب إليه. كان يشاهد زملاءه في المدرسة يحصلون على الفرص التي كان يحلم بها، ويشعر وكأن حياته لم تبدأ بعد. كانت الدروس التي تعلمها طوال سنواته الدراسية تبدو بلا فائدة الآن، وكان يشعر بأن كل الجهود التي بذلها ذهبت هباءً. لم يستطع إقناع نفسه بأن هناك فرصة أخرى. كانت مشاعر الإحباط تسيطر عليه بشكل كامل، وكلما نظر إلى المستقبل، كان لا يرى أي أمل فيه.
في يومٍ من الأيام، بينما كان حسن في حديقة المنزل، جاء إليه جده العجوز. كان الجد شخصًا حكيمًا وعاش كثيرًا من تجارب الحياة. رآه حسن جالسًا في زاوية الحديقة يراقب الزهور، فقرر أن يذهب إليه. كان حسن في تلك اللحظة في حالة من الإحباط الشديد، وكان يشعر أنه بحاجة إلى شخص ليتحدث معه. جلس حسن بجانب جده وقال: “لقد فشلت يا جدي. كل ما حلمت به ضاع. لم أتمكن من الالتحاق بالجامعة. كيف يمكنني المضي قدمًا؟”
ابتسم الجد بلطف وقال: “يا بني، الحياة ليست دائمًا كما نتوقع. في كل طريق، ستواجه صعوبات. لم يكن هناك أحد في هذه الحياة لم يمر بفترة من اليأس. لكن تذكر، أن اليأس ليس النهاية، بل هو نقطة بداية جديدة. إذا كنت مخلصًا في سعيك، فلا بد أن تجد طريقًا آخر. ربما لم يكن هذا الطريق هو الطريق الذي يناسبك، لكن هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تقودك إلى هدفك.”
أجاب حسن بحزن: “لكنني لا أرى أي طريق آخر، كل شيء يبدو مسدودًا.”
قال الجد وهو يربت على يده: “أنت ترى الظلام الآن، لكن وراء كل ظلام هناك نور. الحياة ليست قصيرة كما تعتقد، والأوقات التي تمر بها كلها دروس. لو استسلمت الآن، فلن تعرف أبدًا ما كان يمكن أن يحدث لو واصلت السير. عليك أن تتذكر أن الفشل ليس النهاية، بل هو درس يجعل منك شخصًا أقوى.”
بدأت كلمات الجد تُحدث فرقًا في نفس حسن. فكر حسن في ما قاله جده. كان يعلم في أعماقه أن اليأس ليس الحل، وأنه يجب أن يواصل سعيه مهما كانت التحديات. قرر أن يواصل البحث عن فرص أخرى. بدأ حسن في التسجيل في دورات تدريبية عبر الإنترنت لتحسين مهاراته، كما بدأ يرسل سيرته الذاتية إلى الشركات الهندسية في منطقته. لم يكن الأمر سهلاً في البداية، وكانت الفرص قليلة، لكن حسن لم يتوقف.
بعد أشهر من العمل الجاد، جاءته فرصة للانضمام إلى شركة صغيرة للهندسة. لم يكن الأمر كما كان يحلم، لكنه كان بداية. بدأ حسن يكتسب خبرة عملية، وتعلم مهارات جديدة، وأصبح أكثر إصرارًا على تحقيق حلمه. بعد سنوات من العمل والتعلم، تمكن حسن أخيرًا من تكوين شبكة من المهندسين المحترفين وفتح شركته الخاصة.
الحياة مليئة بالتحديات التي قد تجلب معها اليأس، لكن الفشل ليس نهاية الطريق. بل هو بداية لفرص جديدة وأفضل. لا تدع اليأس يسيطر عليك، فكل تجربة فشل هي فرصة لتعلم شيء جديد والنمو الشخصي. الصبر والمثابرة هما المفتاح للوصول إلى الهدف.