قصص وحكايات لأطفال : قصة يوسف الشجاع
كان يوسف يقف على حافة المسبح، ينظر إلى الماء بعيون مليئة بالقلق. أصوات الأطفال من حوله تملأ المكان، قفزاتهم المتتالية ترسم دوائر صغيرة في الماء. لكنه ظل ثابتًا في مكانه، قدماه ملتصقتان بالأرض وكأنهما تحملان خوفه كله.
لم تكن أمه بعيدة، كانت تجلس على مقعد قريب تراقبه بعينين حانيتين. اقتربت منه، وجلست على الأرض بجانبه، وربتت على كتفه.
“مالك يا يوسف؟” سألته بلطف.
نظر إليها وقال بصوت خافت:
“مش قادر يا ماما… المية شكلها عميقة وأنا خايف.”
تنهدت أمه وابتسمت، ثم أشارت إلى طفل صغير يقفز في الماء بحماس.
“بص يا يوسف، شايف الولد ده؟ اسمه كريم. أول مرة كان زيه زيك، خايف يقفز. لكن عارف إيه اللي خلاه ينزل المية لوحده؟”
هز يوسف رأسه نافيًا.
“إيه اللي خلاه؟” سألها بتردد.
“مامت كريم كانت بتقول له نفس اللي هقوله لك دلوقتي: كل حاجة صعبة في الأول، لكن خطوة واحدة تغير كل شيء.”
نظر يوسف إلى كريم وهو يسبح بثقة، ثم عاد بنظره إلى أمه.
“لكن كريم شجاع أكتر مني، أنا مش زيه.”
ضحكت أمه وربتت على يده.
“كريم مش شجاع أكتر منك، هو بس قرر يجرب، ومع التجربة، بقى شجاع. الشجاعة مش حاجة بنتولد بيها، الشجاعة بنتعلمها بخطوة صغيرة.”
تقدم كريم نحو يوسف بعدما خرج من الماء، وابتسم له.
“يوسف، أنا كنت خايف زيك بالضبط، لكن ماما قالت لي إن المية مش مخيفة طالما بنجربها خطوة خطوة. تيجي ننط سوا؟”
شعر يوسف بقليل من الراحة، فوجود كريم بجانبه جعله يشعر بأنه ليس وحده. نظر إلى أمه، التي مدت يدها إليه وقالت:
“أنا هنا جنبك، خلينا نجرب مع بعض.”
أمسك يوسف يد أمه، واقترب من حافة الماء. تنفس بعمق، وبدأ العد مع كريم وأمه:
“واحد… اثنين… ثلاثة!”
قفز يوسف أخيرًا في الماء. شعور بارد لكنه ممتع اجتاحه، وعندما خرج من الماء، كانت ابتسامته واسعة وملامحه ممتلئة بالفرح.
“ماما! أنا عملتها!”
احتضنته أمه بفخر وقالت:
“عارفة إنك تقدر يا بطل، لأن معك، حتى المخاوف الكبيرة بتصغر.”
ابتسم كريم وقال له:
“شفت؟ المرة الجاية هننط سوا.”
وهكذا، بدأ يوسف يرى أن كل خطوة صغيرة تحمل بداخلها شجاعة كبيرة، وأن الخوف مجرد باب، وخلفه دائمًا أشياء جميلة تستحق المغامرة.
قصة يوسف الشجاع تعلمنا أن الشجاعة ليست شيئًا يولد مع الإنسان، بل هي شيء يتعلمه ويتطور من خلال التجربة والخطوات الصغيرة. في البداية، كان يوسف يخاف من القفز في المسبح، ولكن بفضل تشجيع والدته وصديقه كريم، تعلم أن الشجاعة تكمن في تحدي المخاوف بتجربة جديدة، خطوة بخطوة. الشجاعة هي قرار داخلي يتخذ عندما نواجه صعوبة أو خوفًا، ونحن قادرون على التغلب عليها بالتجربة والمثابرة. ما يميز الشجاعة هو القدرة على اتخاذ أول خطوة رغم الخوف، فكلما جربنا، أصبحنا أكثر قوة وثقة في أنفسنا.