قصة يحيى والتسامح
في قرية صغيرة، عاش ولد يُدعى يحيي، وكان معروفًا بين الناس بطيبة قلبه وهدوئه. كان يحيي شخصًا متسامحًا جدًا، لم يكن يغضب بسهولة ولا يرد على الإساءة بالإساءة. بل على العكس، كان دائمًا يقول: “أنا مسامحه”، حتى عندما يكون هو الطرف الذي تعرَّض للظلم.
في المدرسة، كان لديه أصدقاء كثيرين، ولكنه كان مختلفًا عنهم في طريقة تعامله مع المشاكل. في يوم من الأيام، كان يحيى يلعب مع صديقه سامي في الملعب، لكن سامي كان غاضبًا من شيء آخر، فاندفع ودفع يحيي بقوة. وقع يحيى على الأرض وتعرض لبعض الخدوش. رأى المعلم ما حدث وجاء مسرعًا ليسأل يحيي إذا كان يريد أن يعاقب سامي.
لكن يحيي، كعادته، وقف وقال بابتسامة: “معلش يا أستاذ، سامي صاحبي، أنا مسامحه.”
مرَّت الأيام، وتكرر الأمر. كان أحيانًا بعض الأصدقاء يغلطون في حق يحيى، إما بالكلام الجارح أو بالتصرفات، لكن يحيى لم يكن يغضب أبدًا. دائمًا كان يسامح، حتى عندما كان الآخرون يعلمون أنهم أخطأوا. كان يقول: “مش مهم، المهم نفضل أصحاب.”
لكن، مع مرور الوقت، بدأ يشعر بالضغط. لم يكن سهلًا أن يسامح كل مرة، وبدأ بعض الناس يستغلون طيبته. كان أحيانًا يشعر بالألم، لكنه كان يخفيه داخله، لأنه لم يحب أن يدخل في خلافات أو يعاتب أحدًا.
وفي يوم، جلس مع أمه، وأخبرها عن شعوره. قال لها: “يا ماما، أنا بحس إني مش قادر أستمر في التسامح طول الوقت. الناس بتزعلني، وأنا مسامحهم، لكن أحيانًا بحس إني مش قادر.”
ابتسمت أمه بلطف وقالت: “يا يحيى، التسامح شيء جميل جدًا، لكن مش لازم تسامح طول الوقت على حساب نفسك. لو حد ظلمك، لازم توضح له إنه غلطان. التسامح مش معناه إنك تتأذى أو إنك تتنازل عن حقك دايمًا. لازم تعرف توازن بين الطيبة وحقوقك.”
ومنذ ذلك اليوم، بدأ يفهم أن التسامح لا يعني التخلي عن حقه، بل هو فن التعامل مع المواقف بحكمة. استمر في التسامح، لكنه تعلم كيف يعبر عن مشاعره، وكيف يقول “لا” عندما يشعر أن الأمر زاد عن حده.
التسامح قوة عظيمة، لكنه لا يجب أن يكون على حساب نفسك أو كرامتك. من المهم أن توازن بين التسامح وحماية حقوقك، وتتعلم كيف تعبر عن مشاعرك بوضوح، حتى لا تشعر بالظلم أو الاستغلال